وليف الروح
هل لديك وليف الروح؟ لا أقصد مَن يُشاركك المسكن أو المشرب أو حتى كرسي الجامعة
أو العمل. هو شخص واحد للأسف يكون هو الوحيد الذي تستطيع أن تخلع أمامه جميع أقنعتك
، تكون علي سجيتك تأخذ راحتك في الضحك أو البكاء، والحديث بصوت عالي أو حتى الصراخ،
هو من تبتسم عينيك لمرآه حين يكون (هو / هي ) قادم من بعيد.
هو أول من يخطر على بالك لتحكي
له أسوأ المواقف التي صادفتك، وتعيد على مسامعه نكاتك المملة و لا يخبرك هو أنه
حفظها و ملَّ من سماعها بنفس الوتيرة، وبالرغم من ذلك يضحك لك ويبتسم، مثل هذا
الشخص تستطيع أن تجالسه بأي وقت وبأي رداء ولا تخجل من كشفك أمامه نقاط ضعفك وقوتك، أو أسخف أحلامك
تلك التي خبأتها حين ضحك الجميع عليك ذات يوم. لا يخجل دمُعك من عينيه بل ربما
تعشق نظره المواساة تلك.
لا يذهب ظنّك بعيداً أو تعتقد أنني أقصد رجلاً
قد يكون زوجاً أو حبيباً أو صديقاً أو زميلاً أو غيره، لا لا..... وليف الروح يُحتمل أن يكون الأب أو الأم أو أحد الأخوة
أو أحد الأخوات أو صديقة أو زميلة أو شريكك في السكن أو الجامعة، أو حتى زوج حنون أو...أو...أو...
لا يهم هو أو هي في وليف الروح و ذلك لأن من
اسمه هو من سكن الروح فأكملها، وحفظ الأحلام ورفعها، بوجوده تخف الألآم كثيراً و تتضاءل بوجوده قربك، تنتشر السعادة
و تحلق و تكون أنت نفسك بعفوية الأطفال ففي هذه الأجواء أنت ما تزال طفلاً ترنو.
لست العامل نفسه في مكان عمله فلذلك شخصية أخرى
ترتديها، و ليست تلك الزوجة المسؤولة عن بيت الأسرة والضيوف والعيال لذلك وضع آخر حتماً،
إذن حين تلتقي بوليف الروح ولو لدقائق فهي الدقائق اللازمة لترمي أعباءك مؤقتاً و
تخلع كل شخصياتك جانباً وتستمر اللحظات من الأنس و الألفة، وإن كانت بضع دقائق فإن
سحر تأثيرها يدوم لساعات وربما أيام.
وليف الروح هو شخص ليس
بالكامل طبعاً - لأنه لا يوجد كمال في عالمنا- و لكن عيوبه قادرة على الاحتمال عندك و التعايش
معها وتقبلها، بل و في أحيان كثيرة غض البصر أوجب عن جانبه المظلم الأسود لأنه باختصار
بشر مثلنا و لكنه استطاع احتمالك بما فيك من علل، وتحملك في لحظات ضعفك وأجارك حين
أتيته لاجئاً، و هو بالمقابل سمح لك برؤيته على طبيعته و صارحك بحقيقته السوداء
قبل البيضاء، وكلاكما قَبِلَ صحبة الآخر على نقصه و بشريته وعِلَلَه، فهنيئاً لكما
انسجامكما.
في حياتنا هذه نحن أحوج لوجود رفيق درب و وليف للروح.
عند التقاءك بوليف الروح تحمد ربّك دوماً على هديته، و تشعر كما لو أن الله كافأك بوجود
شخص كهذا في حياتك، يا لك من محظوظ!!!
و تستيقن أن الدنيا ماتزال بخير...
"أحبابنا ما أجمل الدنيا
بكم لا تقبح الدّنيا و فيها أنتمُ" كما قال الشاعر إيليا أبو ماضي
حين يمّر بخاطرك طيف لحظه
تبتسم بسعادة غامضة لا يفهمها من حولك، و تستأثر بها أنت لنفسك وقد تجيب ببرود إذا
سُألت عما جعلك تبتسم "لا لا.. شيء مهم تذكرت نكتة قديمة" وفي داخل نفسك
تتدخل الذكريات و اللحظات وتستمر أنت بالابتسام متجاهلاً من حولك عابراً بجوارهم و
في عقلك وليف روحك و هنا تحمد الله على سرك المبهج بين حنايا قلبك...
و السلام عليكم....
إهداء لمن يعرف نفسه وهو
يدرك ذلك يقيناً...
سمراء النيل (د. سلمى النور)
👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼
ردحذفلا ق
شكراً عزيزتي
حذفابداع يا دكتورة و الى الامام
ردحذفشكراً لتفاعلك واهتمامك...
حذفرائع والله ما حسيت الا انا مخلصاها جميل جدا إلى الامام. انا مودة
ردحذفكلك ذوووق يا مودة ، سلمت يداك
حذفرائعة جدا، اعدتها اكثر من مرة. للامام دوما.
ردحذفشكراً لدعمك واهتمامك أتمنى أن تكون لامست جزء من الصواب أو الحقيقة عندك، مع تحياتي : سمراء النيل
حذفيا سلام، كلام جميل وواقعي هكذا الكتابات القيمة تلامس الواقع والوجدان باسلوب أدبي راقي ...
ردحذفشكراً لحديثك والذي إن دلّ فإنه يدل على نبل إحساسك ورقي فكرك ، دمت بخير
حذفمع تحياتي : سمراء النيل
جميل كالعادة يا دكتورتنا العزيزة..
ردحذفهل يمكن أن نستخلص من أنفسنا " وليفا" للروح نستغني به عن الآخرين ؟
أتظن ذلك حقّا ؟ أيعقل أن نستغني عن الآخرين لوجود شخص واحد يعدل الكل؟ إن وُجد ذلك فأنت محظوظ ولكن قوانين الكون أوجدت حاجة كلا منّا للآخر كضرورة حتمية للبقاء .
ردحذفأما أن استطعت التوافق مع ذاتك كليا لتكون وليف نفسك فأنت وصلت لمرحلة نادرة من التؤام النفسي ، أتمنى أن أصل إليها أنا لأني في أحيانا كثيرة أجد نفسي غاضبة على نفسي ، فإذا وصلت لمرحلتك تلك فأبلغني... ولك الشكر : سمراء النيل.
رائعة كعادتك.. في اختيارك لمفرداتك
ردحذفوفي شفافية احساسك..
دمتي طبيبة لأرواحنا المتعبة
♡♡♡
شكراً لزيارتك وتعليقك الجميل...
ردحذفدمت بخير دوماً...
تحياتي: سمراء النيل